أسمع صراخك يا ولدى
فى كل ليلة أسمع صراخه وأنينه ، ندائه يتردد فى اذنى حتى أصبحت أخشى النوم الذى دائما ما أستيقظ منه مفزوعة على صوته فى أحلامى يتوجع ، يتألم ، يصرخ وينادى " أماه " ، فداك روحى يا ولدى ،جسده نحيل شوهه التعذيب ، وجهه أصفر ذابل ،عينيه حمراوتين تحمل هموما وتزرف دموعا و شفتيه ترتجف يزلزلها البكاء ،فداك روحى يا ولدى ، كيف أصل إليك يا فلذة كبدى ؟
أشعر بكل ما يعانيه من عذاب فأموت فى اليوم ألف مرة ، من بين أحضانى أخذوه ولم يمهلونى حتى لأودعه ، ربما الوداع الأخير كما يعلمون.
لا أعلم لماذا أخذوه وبالقوة جذبوه وبالسبب لم يعلمونى أو يعلموه ؟ أعلم علم اليقبن أنه لم يفعل شيئا ، أنا أمه وأعلم ذلك مسالم ، غاية فى الطيبة وبعيد الى أبعد مدى عن السياسة ومشاكلها ، كان يتمنى أن يتم زواجه على إبنة خالته التى أحبها وأحبته ، دائما تأتى إلىّ تسألنى عنه وترتمى إلى أحضانى باكية من الخوف عليه ،يا إلهى ليس لنا أحدا سواك أعده الينا .
كثيرا ما شعرت أننا مازلنا تحت حكم الغزاة المحتلين يسرقون قوت يومنا ، يحرمونا أبسط حقوقنا ، يعذبوننا ، يقتلوننا ويحرقون قلوبنا على فلذات أكبادنا فكيف بكل هذا نحن فى بلادنا التى يحكمها إناسا ً منا ؟ ! !
إلى يومنا هذا 25يناير مازلت أتألم وأبكى فراق ولدى الذى ملأت صرخاته كل كيانى ووجدانى حتى سمعت أصوات الجماهير تثور وتزأر لتطلق نيران بركان غضبها الخامد منذ سنوات الذى بدأ يثور فى قلوب الشعب كما يثور بقلبى ، أود أن أحطم كل حواجز الصمت اللعين ، أن أصرخ بأعلى صوتى وأقول لااااااااااا بصوت عالى مسموع له صدى ورجوع ، أود أن أحطم جدران المعتقالات وأهشم قضبانها وأخرج ولدى وكل من أتهم ظلما ً وبهتانا ً.
أعددت عريضة مطالب سطرتها بدموعى وإرتديت جلبابى الاسود الذى لم أرتدى لونا ًأخر غيره من يوم إعتقال ولدى دون أى جرم وخرجت رافعة العريضة فأخذها منى ابن السبعة عشر عاما ً وترجانى أن أظل بالمنزل خوفا ً علىّ وخرج رافعا ًالعريضة فتابعته بعينى من شرفة منزلى وهويهتف بصوت مرتفع ينطلق من أعماقه شبيها ً بصمتى الصارخ الكامن بأعماقى منذ سنوات لكن كفانى صمتا ً ، فؤادى إحترق وعيناى أوشكت على أن تبيض من الدمع على ولدى ، كفانى صمتا ً ، كفانى خضوعا ً و كفانى خنوعا ً .
ولم أملك وأنا أرى تلك الحمم البركانية إلا أن وضعت حجابى الأسود على رأسى ونزلت أهتف صائحة بين جماهير الشعب العريضة ،أسمع صراخك يا ولدى ، صوتك العذب ينادينى ،دمعى نهرا ًجارى لا يجف عليك يا ولدى ، أسمع صراخك أسمع صراخك يا ولدى.
*هذه القصة من المجموعة القصصية "لا تسخر منى وساعدنى" حصلت على مركز أول فى المهرجان الثقافى الفنى بالكلية عام 2011/2010 ومعها "قصة واحد من الناس" حصلت معها على مركز أول فى هذا المهرجان *
دمعة
طردتنى حرارة الجو من منزلى فى ليلة صيفية حارة وإنطلق بى هواء الليل الطلق إلى شاطئ الترعة التى تعكس مياهها الصافية أضواء حفل زفاف وأخذت بمسامعى دقات الطبول وأصوات المزامير وزغاريد النساء فحملتنى قدماى إلى هذا الحفل لأجد عروساً مازالت تخطو بقدميها نحو زهرة عمرها الثالثة عشر وشفتيها الدقيقتين ترسم على وجهها علامات الفرحة وعينيها البرئتين تلمعان كهذا القرص المضئ الذى يتناثر حوله اللألئ كأنه عقد تناثرت حباته فى سماء ليلة صافية وتلك العروس الصغيرة تزهو بفستانها الأبيض وتنظر لهذا الرجل الذى يجلس بجانبها مبتسمة ، هذا الرجل الذى أصبح زوجها ليؤدى بحياتها كما أودى بحياة من كانت قبلها حينما هربت من ضرباته العنيفة لتلقى حتفها بالترعة ويساورنى عقلى هل أخذها كجارية صغيرة ليربيها على طوع أمره ؟ وتدور عيناى فى حيرة على من بهذا الحفل فتقع عيناى على أخيها إنه مثلى تماماً يقف عاجزاً عن رد كلمة أبيه كما وقف عاجزاً عن دعوة أصدقائه حتى لا يروا ما نحن فيه من بلاء ، وعيناه تنظر إلى أختيه فى حزن فراودتنى الحيرة أينظر للأولى التى لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها وهى تحمل طفلها السقيم بين ذراعيها الهزيلتين وقد تحول عمرها من ربيعه إلى خربفه ، من ذا الذى سيترك ببابها بعد أن ألقاها طليقها ، أم للثانية الفرحة بفستان زفافها أكثر من زوجها ؟ همست العروس فى أذن أختها مشيرة بإصبعها إلى طفل فى عمرها لم يأتى الحفل ليلهو مع قرناءه وإنما أتى لكسب الرزق حيث يحمل بين يديه إناء به أكياس من الترمس وفى فمه سجارة ينبعث منها رائحة البانجو فأشارت لها أختها بالصمت لكن العروس الصغيرة مازالت تعلق عينيها بإناء الترمس ، وقادتنى عيناى إلى زميلاتها بالمدرسة وهم يلهون حولها فإلتفتت العروس إليهم لتلهو معهم وهنا سقطت من عينى دمعتان تحسراً على واقعنا الأليم .
*تم نشر هذه القصة فى كتيب "ملتقى الأدباء الأول بجامعة الفيوم" صــ 107 عام 2010/2009 وهى أحدى قصص المجموعة القصصية "لا تسخر منى وساعدنى " *
* مركز أول على مستوى الجامعة فى اسبوع فتيات الجامعات عام 2010/2009
واحد من الناس
لم يميزه شيئاً عن من يسير بينهم يتصادم ويتصادمون به، لقد اعتاد ذلك كما إعتادوا، أن يسير بين سيارات لا حصر لها وبشر تجاوز عددهم ثمانون مليون والعرق يظهر على شكل قطرات على جبهته وكأنه لم يمر إلا ثوانى معدودة عن غسله لوجهه.
هو موظف بسيط فى ملامحه تظهر الطيبة والبساطة دائماً يرتدى بدلة مكونة من قميص وبنطلون من نفس قماشة القميص، فى الغالب من صنع زوجته المكافحة التى تعمل على ماكينة حياكة بمنزلها لمساعدة زوجها فى الإنفاق على الأسرة.
يهللون أولاده فرحاً حينما يعود من عمله ويقلبون النظر فى الحقيبة التى يحملها على أمل أن يكون أحضر لهم شيئاًن وكذلك يوم الجمعة ينتظرون عودة والدهم ببطيخة، يجرون ويحملونها منه ويجرون بها إلى المطبخ لتقطعها والدتهم إلى قطع صغيرة وأثناء تناول الطعام يسرعون فى إلتهام هذه القطع حتى يحظوا بالكثير منها فيبلل رداءهم الذى يغطى صدورهم من المياه التى عصرتها أفواههم من قطع البطيخ فتأمرهم والدتهم بترك البطيخ وتناول الجبن فيتزمرون قليلاً وما هى إلا ثوانى ويعودوا لتناول قطع البطيخ من جديد حتى ينهوا عليه ويعيدوا تناول قطع البطيخ الدقيقة التى تركتها أسنانهم ملتصقة بالقشر حتى يأكلوا أجزاء كبيرة من القشر الأبيض الذى يغطى البطيخة ثم يتسابقون فى جمع لب البطيخ ويكيدهم الفائز بفوزه فى جمع أكبر عدد من اللب وبعد ذلك يغسلوه ويضعوه فى الشمس ليجنى لب كلا منهم على حدي بعيداً عن لب الأخر أما والدتهم فتقوم بتقطيع قشر البطيخة إلى قطع صغيرة جداً لتأكلها الطيور التى تربيها فى عشش فوق سطح منزلها.
أما الزوج فيتناول كوب شاى ثقيل وينام وقت القيلولة ثم يستيقظ وقت العصر ويشرب كوب شاى أخر يحمل فأسه ليذهب إلى الحقل ليرعى قطعة أرض صغيرة ورثها عن والده ويعود وقت المغرب يتناولوا العشاء ويشاهدوا المسلسل الذى يفضلوه ويناموا.
هذا فى يوم الجمعة يوم أجازة والده أما فى الأيام الأخرى الأب لا يعود إلا متأخرا (وقت العصر) فلا يمكنه يأكل أو لا يأكل ويحمل فأسه ليذهب إلى الحقل بعد كل العناء الذى لاقاه فى رحلة سفره من المنزل إلى العمل ومن العمل إلى المنزل ومن العمل ذاته كلما مرت الأيام كلما زادت الهموم الملقاة على عاتق الأب والأم فالأبناء يكبرون وحاجاتهم تزداد أكثر وأكثر وديون الأب تزداد يوماً بعد يوم.
الأب أصبح لا يحتمل نظرات أولاده حينما يعود من العمل دون أن يحضر ما طلبوه منذ أيام فراتبه ضئيل وأرضه لا تجنى له إلا المتاعب ويعز عليه مفارقتها فأرضه تمثل له عرضه.
- طردونى النهاردة يا بابا من المدرسة علشان ما دفعتش المصروفات.
- هتدفعها قريب إن شاء الله.
- إمتى قريب دا بس؟!!.
- وأنا جزمتى أتقطعت خالص هأروح المدرسة بأه.
- روح بيها دلوقتى يا حبيبى وبعدين ربنا يفرجها.
- أتقطعت خالص يا بابا متنفعش.
- هأخيطتها لك.
- وأنا عاوزة فستان زى صحباتى علشان أحضربه العيد.
- وأنا عاوز أدخل كلية الشرطة ولازم فلوس كتير قوى علشان الواسطة.
(صوت دقات على باب المنزل ففتحت الابنة الباب)
- دا محصل الكهربا بيقول عايز خمسين جنيه.
- خمسين جنيه ليه! (فى خجل) قوليله ممعوش دلوقتى. (بعد دقيقة صمت).
- بيقول لازم دلوقتى.
- لازم دلوقتى ليه وراث ولا سارق.
(فغادر المحصل غاضباً وعادت الابنة لتجلس مع والدها وقبل أن تجلس سمعت صوت دقات الباب ثانية).
- أوعى يكون محصل الميه.... ربنا يستر ... أفتحى الباب.
- هو أنا كل مرة أفتح الباب أنا ، مفيش إلا أنا ولا ايه فى البيت ده.
- ما بقاش إلا انتى كمان مش كفاية مدير المصلحة الله يقصر أجله ويخلصنا منه.
(فتحت الابنة الباب فدخل أخيها الصغير)
- دا اللعبى الصغير.
- بابا جه، الحمد الله لأحسن أنسى.
- لأ أنسى أحسن
- أستنى يا بابا.
- خيييييييير
- المدرسة طالبة منا تبرعات للناس الفقرا.
(فتجمدت قسمات وجه الأب، فى دهشة وعلى صوت الأبناء بالضحك)
*هذه القصة من المجموعة القصصية "لا تسخر منى وساعدنى" حصلت على مركز أول فى المهرجان الثقافى الفنى بالكلية عام 2011/2010 *
ليالى
زفاف قدس لن تنتهى
وقفت على شاطئ البحر المتوسط بين بناتى الجميلات أزهو بهن ناظرة إلى يمينى لأبنتى العروس الجميلة المقدسة قدس.
وقفت هى فى صمت وحياؤها الفلسطينى يحتويها وعلى رأسها تاج مطعم بأنفس وأغلى الأشياء التى يمكن أن يطعم بها يتدلى منه قماش أبيض ناصع البياض يداعبه الهواء فيحفق ويرفرف كأجنحة الطيور ويرتفع من منتصفه المستدير قمراً فى هلاله.
صنعت لها ذلك التاج وأهديته لها فى عهدى الأموى، جمعت ما يكفى لتكلفته فى سبعة أعوام متتالية بعد كد وعناء وشقاء وبدأت فى إبداعه ومعى بناتى الماهرات فى عزم ونشاط فأصبح كما أراه وكما يراه العالم كله غاية فى الفخامة والإبداع إنها درة ثمينة أودعها الله فى الأرض أحتضنها كثيراً خشية عليها كما يحتضنها حياؤها الفلسطينى.
فكم أرتمت إلى أحضانى بجانب شقيقاتها لتبشرنا سعيدة بأنها اولى القبلتين وثانى المسجدين وثالث الحرمين فهلنا جميعاً فارحين.
وكم مرت علينا لحظات جميلة رأيت فيها الفرحة فى عينيها الجميلتين اللاتى تشعان نوراً لم أراه إلا فى عينيها والصفاء فى أبتسامتها العذبة فضميتها إلى قلبى وشقيقاتها حولى وحولها معجبون بروعتها وجمالها وحولنا إناس أخرين معجبين ومندهشين سمعتهم يتهامسون قائلين إنها قدس أروع وأجمل فتيات العرب إنها معبد الشرق والغرب ورمز وحدة دين إلههم الواحد، وها هى والدتها الفرعونة مصر تضمها خشية عليها وحباً فيها... ومن فى الدنيا لا يحبها إنها الجميلة قدس.
فشعرت أن حديثهم يخفى تربص لأبنتى فأرتجف جسدى وعلى نبضى فضميتها إلى قلبى أكثر فأكثر والخوف والقلق يملأن قلبى وقلبها وبدأت فى إعداد عدتى من الغضب وأكمنه بداخلى لأطلقه فيما بعد كالصواريخ على من يتربص بها أو بأياً من بناتى.
وبدأت محاولات الاغتصاب تحوم حولنا كالأشباح ولكنى أقسم متعهدة بأننا لن نتهاون فى الدفاع عنها مهما كلفنا الأمر فليالى زفاف قدس لن تنتهى وستظل قدس درة العالم وعروس العروبة.
نشروا الأكاذيب ليزيفوا الحقائق إدعوا أن قدس أبنتهم وأقاموا أضخم الاحتفالات بمناسبة عيد ميلادها الثالث ألف كما يدعون.
فأرتجف قلب قدس مع جسدها فأمسكت بى بقوة وبإحكام حتى لا ينتزعها أحد من بين أحضانى فزدت إحكام قبضتى عليها وضميتها لقلبى أكثر لأطمئنها ونظرت إليها مشفقة فوجدت عينيها ترقرق بالدموع ولكنها ما زالت مضيئة وجذابة تفيض بالصفاء والبراءة فنظرت إلي برجاء وتحدثت إلي بعينيها وقلبها طالبة الدفاع عنها وتكذيب الأكاذيب فصحت بأعلى صوتى: قدس أبنتى هى عربية ولدت منذ ألاف السنين وكنا نطلق عليها قديماً أسم أورسالم ويشهد على ذلك الكنعانيون الذين وفدوا من شبه الجزيرة العربية فى الألف الرابع قبل الميلاد وأقاموا عند قدس ويشهد أيضاً عمر بن الخطاب فقد زار أبنتى وأعطاها الأمان وحظيت بمنزلة عظيمة بقلبه فأضاف لتاجها جوهرة سلوا القبائل العربية التى وفدت من الشام فصاحوا فى وجهى مكشرين "إنها أبنة أبينا إبراهيم".
فصاحت قدس قائلة "نزل محبوبى إبراهيم عندى ضيفا وهو فى الخامسة والسبعين من عمره وتشهد على ذلك عامرة وقبيلة حوى التى كانت تقيم عندها ثم نزل ضيفاً عند امى وهو ما زال فى الخامسة والسبعين من عمره فأحبته وأحبت قيمه الدينية والأخلاقية فوهبته كثيراً من الهدايا من بينها هاجر، إبراهيم يحبنى دون أن أكون أبنته كما أحبنى موسى وعيسى ومحمد ثم أننا أولى بإبراهيم منكم فنحن أحبابه الذين يطيعون ربه" فأشهروا السلاح فى وجوهنا ليرهبونا فأحتضنا قدس إعلاناً بأننا لن نتركها ولن نتخلى عنها فجذبوها بقوة وعنف ليغتصبوها وبلا رحمة ألقوها فسالت الدماء من قدميها فوضعت يديها على رأسها لتثبت تاجها قبل أن يسقط فيحيل عرسها إلى مأتم لها وصرخت مستغيثة فأقتربوا منها ووضعوا قدميهم على رداءها وعلى القماش الجميل الذى يتدلى من تاجها وبلا رحمة بداوا يجذبوها وضحكاتهم تعلو وتعلو فقاومتهم بشجاعة وقوة فأقدامهم ركلوها فسالت دماؤها وانهمرت دموعى مع دماءها فنظرت إليهم ساخرة والدموع مازالت ترقرق بعينيها فرأيت أقدامهم ملطخة بدماءها فارتفعت ضحكاتهم أكثر وأكثر حتى سمعت صداها فصرخت واندفعنا نحوها فمنعونا فصحت قائلة ودموعى مازالت تتساقط كقطرات المطر"ليالى زفاف قدس لم ولن تنتهى"
نظرت قدس إليهم وصاحت قائلة بعد أن قرأت سؤال بعينيهم "ديكتاتور يدعى الحرية"(ليسمعها العالم كله).
فانهالوا عليها ضرباً ليخرسوها فلم أرها من بين من يضربوها ولكنى سمعت صراخها الذى يحطم كيانى ويمزق قلبى وسمعت أصوات إستغاثتها ولم يتركوها إلا بعد أن اوشكت على أن تفقد الوعى فرأيت دماءها تنزف من جسدها ورأيت أثار أسنانهم على جسدها وسمعت أنينها، ثبتت التاج على رأسها والدماء تنزف من يديها على تاجها نظرت إلينا والدماء تكسو وجهها وطلبت بعينيها منا العون .
وفاض بى الصبر وشكى منى فأطلقت طاقات الغضب من داخلى كالصواريخ تحملها أسلحة مدمرة يقودها سلاحاً يدعى صلاح الدين وأنطلقت وراءهم ورجعنا بالنصر وبقدس وأعدنا إصلاح ما تدمر مسحت دماءها جففت دموعها ونظفت تاجها ورداءها وتجمعنا سعداء على شاطئ البحر المتوسط تقودنا أبصارنا جميعاً للنظر لقدس التى مازال يحتويها حياؤها الفلسطينى وكأنها القمر فى تمامه كالعروس ليلة زفافها وإناس أخرون ينظرون فى عجب ودهشة.
أمنعت النظر لقدس فرأيت أبتسامتها الصافية من جديد فرفعت رأسى للسماء وصحت بأعلى صوتى ليسمعنى العالمين "ليالى زفاف قدس لن تنتهى"
*تم تقديمها فى الجامعة عام 2010/2009*
لسجون
الإمبراطورية حدود
كان يجب أن أرى هذا المكان الذى يجمع العديد من
المدارس هادئاً فى هذا الوقت لأنه ليس وقت الراحة وليس وقت العودة من المدرسة إذن
فلما أرى كل هؤلاء الطلاب خارج فناء المدرسة وأنا منذ لحظات كنت أمام أبواب تلك
المدارس وكانت مغلقة بسلاسل حديدية وكأنهم سجوناً مغلقة على القتلة والسفاحين
واللصوص وعلى أبرياء أتهمو ظلماً وبهتاناً، فهل بهذه السجون أقصد المدارس من دخلها
ظلماً ودون إرادته وأن أحلام والديه الشاطحة فى الخيال هى التى قذفت به إلى هذا
المكان وأن مشيئة ظروفه أرادت به أن يكون بين قضبان هذه السجون.
فلقد كانت هذه السجون لا تغلق أبوابها أبداً فى
وجه متمنيها أو فى وجه من كانت جريمته الشنعاء طلب العلم فلما الآن يلقى الأهل
والأحباب بذويهم وأبناءهم بهذه التهمة قبل أن يعلموهم كيف يجبون ويتقنون إرتكاب
هذه الجريمة ليقذفوا بهم بين قضبان تلك السجون؟ ولما تكون سجون مظلمة لمن أتوا
إليها رغماً عنهم أو لمجرد إرضاء رغبة والديهم أو لتجنب عقابهما؟
وعلى غرة سقطت فوق رأسى حقيبة أحد الطلاب فكدت
أن أسقط أرضاً مغشياً علي من شدة صدمة الحقيبة ولا أدرى أصدمتنى تلك الصدمة لأنني
أصف المدرسة كالسجن المغلق على من أتى إليها رغماً عنه أم لأننى وصفت العلم
بالجريمة الشنعاء التى يدخل من يرتكبها إلى تلك السجون بإرادته أم لتسألنى جريمة
شنعاء بالنسبة لمن؟
فرفعت رأسى لأرى من الذى قذف تلك الحقيبة على
رأسى ففوجئت بأسلاك شائكة فوق جدران المدرسة وأخطف سمعى صوت أحد الطلاب من فوق
إحدى جدران فناء المدرسة المقابلة للمدرسة التى أنظر إليها وهو يقول بصوتاً أجش لا
يليق أن يكون صوت طالب فى سنة الدراسى ولهجة لا تليق إلا أن تكون من الشارع
"مساء الفل عليك يا باشا خلى بالك من شنطة المتفجرات لحد ما أعدى الحدود
الشائكة اللي زرعوها أعدائنا اليهود".
ثم أكمل محاولته لتمزيق الأسلاك الشائكة التى
على جدران مدرسته بسلاحه الأبيض ثم أهتز يميناً ويساراً بشدة وكاد أن يسقط أرضاً
لولا أنه أمسك بتلك الأسلاك الشائكة قبل أن يسقط وهو يقول "ما تجمد ياد أنت
وهوا".
ثم أستعاد توازنه ثانية ليكمل ذلك العمل الفدائي
ويده تنزف بالدماء معرضاً نفسه لعقاب العصاة الغليظة التى تسكن أحياء الإمبراطورية
المدرسية وليصنع من نفسه بطلاً لا يخشى العصاة الغليظة ليقدم نفسه وحياته فداءاً
لأبناء إمبراطوريتة المدرسية.
وفجأة إنهالت على رأسي وبجانبي كثيراً من
الحقائب فوضعت يدى على رأسي لتكون يدي قبعة أو خوذة تحمي رأسي من صدمات حقائب
المتفجرات فى تلك الحرب الطاحنة وحين هدأت حرب الاستنزاف هذه وانطفأت لهيبها
إرتفعت أصوات الفدائيين على الجدران ولكننى لم أفهم منهم شيئاً لأنهم جميعاً
يتحدثون فى صوتاً واحد بكلمات مختلفة فرفعت قبعتى من على رأسي ودرت بصرى أعلى
الجدران فوجدت جدران المدارس قد امتلأت بالفدائيين ففوجئت ببعض الفدائيين الذين
على جدران أقصد حدود إحدى الإمبراطوريات يهتزون ويصيحون بشدة بعد أن صاح أحدهم
قائلاً "حرس الحدود جيين"
فسقطوا جميعاً أرضاً داخل الإمبراطورية تحت رحمة العصاة الغليظة التى
أفزعتهم عندما اقتربت منهم وهى فى يد أحد الرجال اليهود كما يسمونهم الفدائيين أسف
أقصد أحد المعلمين: المعلم الذى قال عنه أمير الشعراء أنه كاد أن يكون رسولاً،
والذى فضله علينا كفضل القمر على سائر الكواكب.
وقبل أن يسقطوا أشاروا إلى لألقى لهم حقائبهم من
فوق تلك الحدود الشائكة فوقفت عاجزاً عن فعل أى شيء ومتسائلا فى حيرة عن سبب هروب
أبناء الإمبراطورية المدرسية أهو اضطهاد وعنف الحكام والأمراء أم جفاء العمل
المكلفين به وملله وخلوه من المتعة والتشويق أم صعوبته وعدم الانضباط أم عدم تخصيص
إمكانيات وموارد لتنمية المواهب والمهارات ولتهيئة حالة نفسية جيدة؟
وعلى غرة وجدت زلزالاً أخر مفاجئ فى صفوف
الفدائيين على حدود الإمبراطورية المقابلة يصحبه صيحات وإشارات لألقى لهم حقائب
متفجراتهم ثم سقطوا أرضاً بين قضبان سجون الإمبراطورية تحت رحمة الجلاد وعصاته.
وإذ بيدين قيدت حركتى وصاح صاحب تلك اليدين
قائلاً: ها هو من يحرضهم على الهروب وعلى الانقلاب على الحكام. فسقطت أرضاً وأنا
مصاباً بالدهشة والعجب.
*تم تقديمها فى الجامعة عام 2010/2009*
أغرب ما في الحياة !
كان غريباً
أن يستقبلني صديقي وعينيه ترقرق بالدموع وعلي شفتيه إبتسامة عريضة لم ترسم إلا لترحب
بزيارتي وعلي خديه أثار ضربة يد قوية ترسم
بأصابعها خطوطاً حمراء علي هذا الخد الذى تحول إلي صفرة الجادى من حمرة الورد
فوقفت أنظر إليه فى دهشة تراودها الحزن فأشار إلي بالدخول فدخلت وجلست فى حجرة أستقبال
الضيوف وجلس بجانبى فأخذت أقلب بنظرى فى وجه فنظر إلي قليلاً ثم أنحنى رأسه ناظراً
إلى الحصيرة المبسوطة بين أرائك الحجرة والحزن يكسوه ثم حرك قدميه ببطئ ووضعها على
أحد الأطراف الممزقة بالحصيرة ودار بصره إلي ورأسه ما زالت منحنيةً حتى لا أرى عينة
الخجولتين فوجدنى ما زلت أنظر إليه بنظراتى هذة المتسائلة فى عجب عن سبب دموعه التى
تفيض من عينيه وعن سبب وجود تلك الخطوط الحمراء الباهته على خديه ، وحينما ألتقت
عينى بعينيه وجه سهام بصره بعيداً ولكنى رأيت تلك
السهام التى تصيح قائلة أن صاحب تلك العيون الخجولة يتمنى كسر حاجز الخجل
قبل حاجز الصمت ويأمل فى بناء حصناً للثفة .
فإقتربت
منه أكثر ووضعت يدى على رأسه برفق فرفع رأسه ونظر إلى مبتسماً والدموع تفيض من
عينيه ، وافترقت شفتيه رغماً عنها ورغم
خجلها ورفضها لكسرحاجز الصمت اللعين فراودنى الأمل بعد صمتاً طويل ، ولكن سرعان ما إلتصقت
دون أن تنطق حرفاً واحد فنظرت إليه منتظراً حديثه ولكنه سرعان إستسلم للصمت ولم
يمنحنى إلا إبتسامة أخرى ليرحب بى بها وليرضى بها رغبتى .
فنطق لسانى
من أعماقى محدثاً نفسى بقوله ( إن أغرب ما فى الحياة أن تبتسم وبعينيك ألف دمعة ).
وإرتفع
صوتاً أجش (صوت والده) منادياً عليه فأسرع صديقى إليه وسمعت هذا الصوت يصيح ومعه
صوت صديقى يبكى ويهمهم بالكلام بعد أن
سمعت لطمة قوية .
رحماك يا
إلهى أهذه الاسرة مأوى الحب ومنبع الحنان ؟!!!!!!
وفوجئت
بشيئاً ما أظن أنه طبق كاد أن يصدم رأسى
لولا بعض السنتمترات التى كانت بين رأسى وبينه ، وإصطدم بأحد الصور المعلقة على
الحائط (صورة صديقى مع والديه وإخوته ) فسقطت الصورة والطبق منكسرين بصوت ضوضائى
وصاحبه صرخة فزع من لسانى وصرخات من صديقى ولعنات من والده وبكاء وصراخ أطلق أخيه
الرضيع لهما العنان .
كشر الخوف
على أنيابه وهاجمنى فلم أستطع الإنتظار للحظة واحدة بعد هذه ، إنبطحت على الارض فى
خوف وأخذت أحبى مسرعاً حتى لا يصيبنى مكروه أشد من هذا وأمسكت بحذائى وجريت مسرعاً
حافى القدمين .
* مركز أول على مستوى الجامعة فى اسبوع فتيات الجامعات عام 2010/2009
لا تسخر منى
وساعدنى
أثناء مرورى بهذا المكان وقفت لأشاهد الأطفال
الذين يلعبون لأستعيد ذكريات الماضي قائلا في نفسي ليت الطفولة تعود يوماً وعيناى
تتابع تلك الكرة التي يتقاذفها الأطفال فأختطف بصري طفل يجلس على كرسيه المتحرك
بالقرب من الأطفال وعينيه تتابع تلك الساحرة المستديرة فى عجب متمنياً أن يركلها
بقدميه مثل هؤلاء الأطفال، وكم يتمنى أن يترك هذا الكرسى ليلهو ويلعب مع الأطفال،
وكم يتألم عندها يسمع من يقول أن الرياضة ممارسة لا مشاهدة، وعادت نفسي لتحاورني
فى حيرة متسائلة هل أراد به القدر أن يولد معاقا أم أنه خطأ أحدثه جراح لا يبالى
أسفر عنه شلل فى قدميه ليحرمه من اللعب والمرح مع قرناءه بل ليشكل منه عبئا كبيرا
على أسرته، فكم من قرين له ألقوه ذويه بالمدارس الداخلية أو بالشوارع بسبب هذا
الشلل اللعين، أم شاءت الظروف القاسية أن تصدمه سيارة لتشل قدميه وتحرمه من الوقوف
واللعب وتمحى ابتسامته وتزرف من عينيه دموعا وتجعل له أحلامه سرابا، وقطع على نفسي
حوارها سقوط الطفل أثناء محاولته للوقوف لركل الكرة عندما أقتربت منه فجريت لنحوه
بخطواتى العرجاء فاصطدمت بأحد الأطفال ليسقط على الأرض بجانب الكرة وهو يمطرنى
باللعنات ووجدت الطفل المعاق يستند على الكرسى ليجلس عليه فانزلقت يده وابتعد
الكرسى عنه ليسقط الطفل ثانية فلم أملك كتمان ضحكاتى فنظر إلي الطفل فى حزن
وإنكسار وقال "لا تحشر منى وساعدنى" وحين ذاك كسانى الخجل وفاجأنى الطفل
الذى اصطدم بي قائلاً "أتعيب عليه والعيب فيك، أنظر لقدميك العرجاء".
قلمك أصبح أيضاً إجتماعى يكتب للمجتمع ومن أجله من الرائع جداً أن يسعى القلم لتحقيق هدف وهو العالم المثالى الذى نأمله ونتمنا كما قلتى فهنا فى قصة أسمع صراخك يا ولدى هاجمتى الظلم والقهر(وهو ما حدث فى مجتمعنا لسنوات أيام النظام الفاسد) وفى قصة دمعة كانت الثورة على عادات وتقاليد بالية (الزواج المبكر وعمالة الأطفال) حقاً قصتين رائعتين
ردحذفأنامن أشد المعجبين بكل كتاباتك وأتابعها دائماً بإستمرار وأقرأ كل ما ينشر على صفحات مدونتك ، حقاً أنتى أديبةأكثر من رائعة وأحب أن أشكرك على كل تلك الرسائل الجميلة التى تضئ دائماً الصفحة الرئيسية لمدونتك .
ردحذفأنا كمان زى أيمن من أشد المعجبين بكتاباتك كل حاجة بتكتبيها فيها حاجة جميلة بحسها بس مش عارف إيه هي
ردحذفأه صحيح أنا لقيت إنى باكتب عامى أحسن فى التعليقات فكتبت عامى بس مش مشكلة عامى وألا فصحى المهم إنى بعبر عن رأيى بصراحة ومن غير كدب
القصص حلوة جدا جدا وكمان قصة ليالى زفاف قدس اللى بتحكى قصة فلسطين بطريقة مدهشة جدا ربنا يوفقك يا مهجة
ردحذفشكر ليك يا شموع الحياة وشكرا ليك يا ايمن ميرسى جدا لذوقكم وكلماتكم الجميلة الطيبة
ردحذفشكرا لكل المشتركين ولكل من اطلع على المدونة وأتمنى ان تنال الاعجاب وشكرا للجميع
ردحذفأحبــــــــــــــــــكم كثــــــــــــــيرا
الله عليكى يا مهجتى عجبانى جدا جدا جدا جدا قصة اسمع صراخك يا ولدى ودمعة وواحدمن من الناس رووووووووووووووووووووووووووووووووعة شكرا لكى ايتها الكاتبة والشاعر وكل حاجة حلوه يارب ايقى زيك يارب
ردحذفانا مشفتش حد فى البشريه كده ماشاءالله عليكى انتى بتجيبى الحاجات دى منين قولى ارجوكى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غاليتى الجميلة منه انتى هاتبقى احلى بكتير
حذفده من ذوقك الجميل والله يا احلى وأجمل بنوتة
ربى يخليكى لى يا أحلى منه يا سكراية
كلك ذوق والله
تسلمى لى ويسلم كلامك الجميل حبيبتى الغالية
الجميلة
شركات مكافحة الحشرات في الشارقة
ردحذفشركة تنظيف منازل في دبي
شركة عزل اسطح فى دبي